القانون الجنائي ودوره في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية


حقوق الإنسان هي المبادئ والقيم التي تضمن لكل فرد كرامته وحريته ومساواته وعدالته بغض النظر عن عرقه أو جنسه أو دينه أو لغته أو آرائه أو أي خاصية أخرى. هذه الحقوق مكفولة بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان1 والصكوك الدولية ذات الصلة1، وتلزم الدول بحمايتها واحترامها وتعزيزها.

لكن في الواقع، تتعرض حقوق الإنسان للانتهاكات المستمرة والخطيرة في مختلف أنحاء العالم، خاصة في ظل الحروب والنزاعات المسلحة التي تشهدها بعض المناطق. هذه الانتهاكات تشمل جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والجرائم الحرب والتعذيب والاغتصاب والإخفاء القسري وغيرها من الأفعال التي تشكل خروجاً عن المعايير الأخلاقية والإنسانية.

لذلك، يلعب القانون الجنائي دوراً هاماً في حماية حقوق الإنسان، من خلال تحديد المسؤولية الجنائية للفاعلين وتطبيق العقاب المناسب عليهم، وذلك لضمان تحقيق العدالة للضحايا والمجتمعات المتضررة، ولمنع تكرار هذه الجرائم في المستقبل. كما يسهم القانون الجنائي في تعزيز ثقافة حقوق

المحاكم الجنائية الدولية الخاصة

إن أول تجربة لإنشاء محاكم جنائية دولية خاصة كانت بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أنشئت محكمتا نورنبرغ وطوكيو لمحاكمة المسؤولين عن جرائم ضد السلام وجرائم ضد الإنسانية والجرائم الحرب. هذه المحاكم كانت تعتمد على مبادئ قانونية جديدة، مثل مبدأ المسؤولية الفردية للأفراد وليس للدول، ومبدأ عدم قبول الطاعة العمياء كحجة للبراءة، ومبدأ عدم التحيز للقوانين المحلية أو العادات أو الأوامر العليا. هذه المحاكم أسهمت في تطور القانون الجنائي الدولي وتوضيح مفهوم جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

لكن بعد هذه التجربة، توقفت المبادرات لإنشاء محاكم جنائية دولية لفترة طويلة، بسبب التوترات بين القوى العظمى في فترة الحرب الباردة، والصعوبات في التوافق على قواعد وآليات مشتركة. وفي هذه الفترة، تولى القضاء الوطني دوراً أكبر في ملاحقة المجرمين، خاصة في بعض دول أوروبا وأمريكا اللاتينية.

لكن في التسعينات من القرن الماضي، شهدت بعض المناطق في أوروبا وأفريقيا نزاعات دامية رافقتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مثل مذابح رواندا والحرب في يوغوسلافيا. هذه المأساة دفعت المجتمع الدولي إلى التحرك من جديد لإنشاء محاكم جنائية دولية خاصة بالأزمات. فأصدر مجلس الأمن قرارات بإنشاء محكمتي رواندا واليوغوسلافيا كآليات فرعية له، وذلك بموجب فصله السابع من ميثاق الأمم المتحدة. هذه المحاكم كانت تختص بالجرائم التي ارتكبت في فترات زمنية وأقاليم جغرافية محدودة، وتستخدم قانون حقوق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *