الوصف
جاء الإسلام ليرفع من شأن الحكم القضائي ، وليعطيه هيبة في النفوس إيمانا منه أن رفعة القضاء تكمن في مدى احترام أحكامه ، كما سعى المشرع التونسي من وراء توحيد القضاء إبان الاستقلال إلى تكريس سلطة الأحكام القضائية ، ومنع التلاعب بها ، ويعود تكريس حجية الحكم القضائي من قبل كل الأنظمة على اختلاف منابعها إلى الفطرة السليمة التي جمعت البشرية على ما هو حق ، ولذا لا يستغرب الأمر لما يتبين أن حرمة الحكم القضائي كرستها النظم التي جاءت قبل الإسلام . واقتضت هذه الفطرة ضرورة التسليم بما حكم به القاضي حتى لا يعاد عرض القضايا على أنظار المحاكم مرات متكررة . ومرد هذا التسليم أن الحكم القضائي يعتبر ثمرة جهد القاضي بعد تمحيصه للوقائع المعروضة على نظره لغاية الظفر بالحق الذي وقع فيه النزال من قبل الظالم والمظلوم ، وفي هذا المقام يجد القاضي نفسه مطالبا بنوط أسباب التداعي بالأحكام المقررة لها شرعا أو قانونا . وقد قنّن المشرع التونسي حجية الحكم القضائي ضمن المجلات القانونية المعتمدة في التقاضي ، وبالأخص مجلة الالتزامات والعقود التي اعتبرها فقهاء القانون التونسي أم المجلات القانونية . ولا يخفى أن اللائحة الابتدائية التي شكلت هذه المجلة ما هي في غالبها إلا سليل الفقه الإسلامي ، ما عدا النزر القليل ، وهذا ما أثبته صانتيلانا الذي ذكر في حواشي فصول مشروعه المصادر التي استقاه منها فكانت للمدونة الفقهية الريادة في ذلك ، ومن هنا جاءت هذه المقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون التونسي لتبرز أوجه الاتفاق والاختلاف المتعلقة بـ « حجية الحكم القضائي في المادة المدنية » .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.