الوصف
إنَّ القانون البيئيّ الدوليّ يُعد أحد أصغر مجالات القانون الدولي واحدثها، إلا إنَّه تطوّر وما زال يتطوّر بسرعةٍ هائلةٍ. ومن الحقائقِ التي ركّز عليها المجتمع الدوليّ في العقود الأربعة الماضية اهتمامه بتطوير القانون البيئيّ الدوليّ من خلال وضع اتفاقيات بيئيّة إقليميّة وعالميّة، إذْ إنَّ معالجة المشكلات البيئيّة أخذ يتركّز بالدرجة الأساس في مجموعة من الاتفاقيات البيئيّة متعددة الأطراف التي تغطي مجالات أو موضوعات مختلفة لحماية البيئة وحفظها. وأدرك المجتمع الدوليّ، كذلك أنَّ تطوير الاتفاقيات البيئيّة متعددة الأطراف عن طريق إبرام العديد منها دون مصاحبة ذلك بالتنفيذ أو الإنفاذ اللّاحق لها يعني أنَّ هذه الاتفاقيات التي تمّ تطويرها ستظلّ أوراقًا أو وثائقَ عديمة الجدوى دون تأثير في البيئة أو المجتمع، ومن ثمَّ فليس من المستغرب أنْ يتمّ التركيز الحالي على تنفيذ الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف والامتثال لها وتنفيذها لجعلها وثائق فعّالة تغيّر البيئة التي يعيش فيها الإنسان إلى الأفضل.
ومُنْذُ انعقاد المؤتمر الدوليّ الأول بشأن البيئة الذي عقد في عام (1972)(مؤتمر ستوكهولم للبيئة البشرية )، الذي أسفر عن إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة كان تركيزه واهتمامه بتطوير القانون البيئيّ الدوليّ ، وخلال تلك المدة تمّ تطوير العديد من هذه الاتفاقيات على المستويات العالميّة والإقليمية بسرعة متفاوتة وزاد عددها بشكل كبير، وقد يبدو هذا التّطور إيجابياً ، إلإ أنّه كان له تأثير سلبي في تنفيذ القواعد والمعايير الدوليّة التي تمّ تطويرها، إذْ تكررت وتداخلت هذه الاتفاقيات في جوانب عِدّة بما في ذلك المبادئ والقواعد والتّرتيبات المؤسساتية لتنفيذها. وقد أسفرت هذه الحالة عن انعدام التّرابط وعدم كفاية التّنفيذ والإزدواجية، وعدم الكفاءة، وعدم الفاعلية في التّنفيذ والّتآزر والتّرابط على الصعيدين الوطنيّ والإقليميّ. ونتيجة لذلك ظهرت ثغرات في بعض الأحيان ممّا أدّى إلى تفاقم المشكلات البيئيّة التي كان من المقرر حلّها أو كبحها عن طريق تلك الاتفاقيات، وقد تعرّضت آليات العمل الفعّالة التي وضعتها الاتفاقيات للخطر، وكان لابد من إيجاد سبل تكفل التنفيذ من خلال آليات الامتثال .
ونتيجة لذلك فإنَّ عدد الاتفاقات البيئيّة المتعددة الأطراف التي تمّ تطويرها مع مرور الوقت لم يقابل كما هو متوقع بالسرعة ذاتها والمستوى المماثل لتنفيذها، ومن هذا المنطلق ظهرت الحاجة لوضع العديد من الجهود والآليات لسّد الفجوة بين تطوير الاتفاقيات البيئيّة متعددة الأطراف وتنفيذها، وأصبح المجتمع الدولي والدول النامية ــ على وجه الخصوص ــ أكثر اهتماما بالعبء الضخم والمسؤولية عن تنفيذ وإنفاذ جميع الاتفاقات
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.