الوصف
إن تحديد ما يجب أن يكون بمناسبة الفعل التشريعي يحكمه مزيج من الإرادة والعقل، إذ لا يمكن للعقل وحده أن ينتج قانونا. والأمر ذاته بالنسبة للتأويل: فجزء من فعل التأويل يتولاه العقل بضمان تناسق المنظومة وكشف حالات عدم التناسق المنطقي داخلها، والجزء الآخر تتولاه الإرادة برصيدها الثقافي وتأثير المبادئ القانونية الصرفة فيها… وفي النهاية ما يجب أن يكون يتحدد بالإرادة لا فقط بالعقل.
ما من شك أن الاعتراف للقاضي بسلطة الاجتهاد لتأويل النص الغامض أو الساكت، فيه تفويض لنطاق من الاستقلالية التي لا يمكنه أن بیارسها بدون هامش من الحرية . لكن الاجتهاد في التأويل يجب أن يقوم على اعتبارات موضوعية وعلمية تضبطها القواعد العامة للقانون التي يجب أن تكون الموجه والمحدد لعملية التأويل، فلا يمكن للقاضي أن يخفق في منهجية تخريجها والكشف عنها، كما لا يمكن له أن يمارس فعل التأويل بقطع النظر عنها، ولنفس الاعتبارات، فإن المشرع نفسه لا يمكنه تجاوزها بدون مبررات نظرية تقوم على المصلحة أو الضرورة أو عليها معا: القواعد العامة للقانون هي الدرع القانوني الذي يضبط قدرة التشريع المطلقة، وهي موقع تلاقي إرادة المشرع مع اجتهاد القاضي في التأويل.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.