حماية البيئة في القانون الدولي وتطبيقاتها: دراسة مقارنة

الوصف

إن البيئة هي تراث مشترك للإنسانية، تستحق كل الاهتمام. إذ تعتبر قضية البيئة بجوانبها المختلفة، وبالذات فيما يتعلق منها بوسائل حمايتها والمحافظة على مواردها من أبرز القضايا التي استغرقت ولا تزال قدراً كبيراً من الاهتمام الدولي خلال العقود الأخيرة وعلى المستويين الدولي والوطني على حد سواء. كما تعتبر أيضاً من المسائل المهمة، بحيث لم يعد من المقبول أن تناقش العلاقات الدولية الاقتصادية والسياسية والأمنية، بدون أن يكون لمسائل البيئة مكان الصدارة.
لقد أضحت مشكلة الحفاظ على البيئة والبحث عن حلول ملائمة لها من اهتمام رجال القانون والسياسة، وهي مشكلة زاد تعقيدها التقدم الصناعي والتكنولوجي، وتهافت الدول جميعها المتقدمة منها والنامية على تحقيق أكبر وأسرع معدل لنموها الاقتصادي والاجتماعي. حيث شهدت العقود الأخيرة ازدهار التجارة في المنتجات الخطرة، بانتشار الصناعات الخطرة ذاتها. والحقيقة هي أن التلوث البيئي في حياة الإنسان أمر موجود منذ القدم، ولكن اعتباراً من فترة الثلاثينيات بدأ يأخذ أبعاداً جديدة، لتبدأ بعد الحرب العالمية الثانية مؤشرات التلوث في التصاعد دون أن تعود إلى الوراء.
في الحقيقة إن الحربين العالميتين الأخيرتين وما حصل فيهما من انتهاكات على المستوى الدولي، تمثلان العودة إلى بدايات القرن العشرين، فبعد أن اتجه العالم نحو حماية حقوق الإنسان وتفعيل أحكام وقواعد القانون الدولي وتحسن استخدام العلاقات الدولية وحظر استخدام القوة في حل النزاعات الدولية أو التهديد بها، جاء التطبيق مغايراً لهذه التوجهات، فما حصل في هاتين الحربين يعد ضرباً لكل الجهود الدولية المبذولة في هذا المجال ونسفاً لكل مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكاً لكل قواعد حماية البيئة. ولهذا فإن مدى الالتزام بالقواعد المذكورة جاء مخيباً لآمال الدول المستضعفة التي كانت تجد في منظمة الأمم المتحدة وميثاقها ملجئاً وسنداً تحتمي به من بطش الدول الكبرى.
يضاف الى ذلك ما حدث من أضرار للبيئة في الوطن العربي، وخصوصاً في العراق التي أصابت البيئة والكائنات الحية خلال فترة قصيرة حربين مدمرتين استخدمت فيهما كل أنواع الأسلحة الملوثة للبيئة واستقبلت تربته وهواؤه ومياهه مئات الأطنان من اليورانيوم المنضب والأسلحة المحرمة الأخرى، وتأثر الإنسان بشكل مباشر بهذه الأسلحة التي أثرت على البيئة.