الوصف
أصبحت علاقات العمل في الوقت الحالي أكثر تعقيداً من ذي قبل؛ حيث أثر التطور المستمر في مجال الصناعة والتجارة على علاقات العمل، وجعلها تبتعد أكثر وأكثر عن التبسيط الذي كان معروفاً عن العلاقة بين العامل وصاحب العمل قبل الثورة الصناعية، بل أصبحت علاقات العمل في ظل الثورة التكنولوجية، وثورة التصنيع الحديث أكثر تعقيداً من علاقات العمل التي كانت موجودة إبان الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر الميلادي.
أثر ذلك التعقيد بشكل مباشر على طرفي علاقة العمل، من حيث المبالغة في تفصيل حقوق وواجبات كل طرف.
عملت وسائل التكنولوجيا والاتصالات على المساهمة في نشر الثقافة والوعي بحقوق وواجبات كلاً من طرفي علاقة العمل، إلا أن أغلب تلك الجهود كانت موجهة للعامل باعتباره الطرف الأضعف في علاقة العمل، وقد يكون السبب في ذلك هو أن المجهود الأكبر في المجال العمالي كان محركه هو العمال أنفسهم وتجمعاتهم المختلفة من اتحادات ونقابات، والتي كان لها أبرز الأثر في تطوير علاقات العمل، وجعلها أكثر إنسانية، وساهمت في وضع قواعد قانونية تحمي العامل من تجاوز صاحب العمل.
على الجانب الآخر كان لتعقيد علاقات العمل أثر مباشر على أصحاب الأعمال، ذلك أن علاقات العمل أصبحت تحكمها قوانين خاصة بها ولم تعد النظرية العامة للعقود كافية لضبط علاقات العمل.
ساهم ضغط العمال وتجمعاتهم المختلفة في إلزام أصحاب الأعمال بالتزامات مالية غير مسبوقة، وقد أثمر هذا المجهود عن تقنين تلك الالتزامات في قانون خاص بالعمل، فتبنت الدولة نفسها مطالب العمال، وأصبحت هي الضامن لهم في تنفيذ تلك الالتزامات المالية الواقعة على عاتق صاحب العمل.
كان من أبرز هذه الالتزامات وضع قواعد واضحة للأجر وملحقاته، وضمانات استحقاقه، وكذلك إلزام أصحاب الأعمال بتعويض العمال في حالات محددة، فيقع الالتزام بأجر العامل في مرتبة متقدمة من بين جميع التزامات صاحب العمل في العلاقة العمالية، ويأخذ الصدارة في التزامات صاحب العمل المالية، نظراً لكون هذا الالتزام هو المميز الأساسي لعقود العمل في جميع الأنظمة القانونية، إذ بالتزام صاحب العمل بالأجر، يمكن التفريق بسهولة بين كون العلاقة هي علاقة عمالية يحكمها قانون العمل وعقد العمل؟ أم علاقة أخرى منشأها عقد تبرع مثلاً؟
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.