التوفر: متاح فى المخزن

المسؤولية المهنية للمحامي: دراسة مقارنة

7,00 $

89 متوفر في المخزون

الوصف

الأصل في الإنسان حرٌ  في ما يأتيه من أفعال ،إلاأن تلك الحرية مقيدة بأن تكون في الحدود المرسومة وفق القواعد الأخلاقية  والدينية والقانونية ،أو بما ألزم به نفسَه عن طريق ما يبرمه من عقود مع الآخرين ،فان خرج وحَادَ عن الرّسم المسطور الذي تخُطّه تلك القواعد الأخلاقية أو الدينية أو القانونية أو عن الإطار الذي حدّده لنفسه بتعاقده مع الغير فانه يكون مسؤولا عن ذلك ، والمسؤولية تختلف باختلاف القاعدة التي خالفها الإنسان ،فقد تكون أخلاقية ،دينية وقد تكون قانونية ،حيث المسؤولية على وجه العموم هي تلك الحالة التي يؤاخذ فيها الشخص عن عمل أتاه ،وهذا العمل يتضمن إخلالا بقاعدة ما ،فاذا كانت تلك القاعدة أخلاقية فالمسؤولية أدبية نتيجة الإخلال بذلك الواجب الأدبي أو الأخلاقي ،ويكون جزاؤها جزاءا أدبيا محضا سواء تمثل ذلك في تأنيب الضمير أو استهجان أفراد المجتمع ،وتكون المسؤولية دينية عندما تكون المخالفة مخالفة لقاعدة دينية شرعية ، وجزاؤها العقاب من الله سبحانه وتعالى سواء كان ذلك في الدّنيا أو الآخرة،أما إذا تجاوز الإخلال القواعد الأخلاقية و الدينية ،وتعدّاه إلى الإخلال بقواعد القانون فالمسؤولية التي تترتب على هذا التصرف هي مسؤولية قانونية ،أي أن ثمة إخلال بواجب قانوني يترتب عليه ضرر ،فاِن أصاب المجتمع تكون المسؤولية جزائية أما إذا مسّ مصلحة الفرد وحده فالمسؤولية مدنية.
قد أصبحت موضوعات المسؤولية تكتسي أهمية بالغة جدا ،جعلها تستقطب اهتمام رجال الفكر عامة والقانون خاصة لما لها مِن أثر في تنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم ،بل إن تطور تلك العلاقات والمعاملات الذي عرفته البشرية دفع بالمسؤولية القانونية بنوعيها الجنائي والمدني إلى أن تحتل مركز الصدارة في القانون ولَعل السِّر في ذلك هو أن مناط وجود الإنسان على هذه الأرض أصلا هو المسؤولية ، كما قال في شأنهِ الخالق سُبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالأمانة التي عَجزت عن حمْلها السَّماوات والأرض والجِبال وحمَلها الإنسان الذي وصَفهُ ربُّه بأنّه كان ظَلوما جهولا . كما كان لتلك الصدارة التي حظيتْ بها المسؤولية القانونية أثرها في استقطاب اهتمام رجال القانون وفقهائه الذين حاولوا ولا زالوا تشريح كل جزئية فيها حسب ما يثيره الواقع العملي من إشكالات و تطورات ذلك أن القانون ما هو إلا نتاج مات عرفته الحياة العملية والواقع الاجتماعي للأفراد من أحداث ومشاكل وتطوّرات ،فهو المرآة العاكسة لكل تطور في علاقات المجتمع في شتى المناحي اجتماعيا واقتصاديا ،وهذا ما أعطى  لموضوعات المسؤولية المدنية الحظ الأوفر من ذلك التطور .
والمحاماة في أهدافها رسالة ،تتمثل في تحقيق العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق ،هي في ممارستها مهنة حرة يقوم بأعبائها إنسان حصل على ما يفرضه القانون من مؤهّل جامعي وإجازة بالممارسة ، فهو رجل القانون المحترف الذي يتولى الدفاع عن موكِّليه أو رعاية شؤونهم القانونية فيُقدِّم لهم الاستشارات القانونية ويُرشدهم إلى الوسائل التي يوفِّرها القانون للمحافظة على حقوقهم ،ويمثلهم في الدعاوى أمام المحاكم فيحِل محلهم في تحريك الدعوى القضائية بالإشراف على الأعمال والإجراءات القانونية وكذلك يدافع عنهم أمام المحاكم والمجالس القضائية ، وهذان الحقان أي التمثيل والدفاع أمام المحاكم محصوران به لا يمكن لغيره القيام بهما.
وقد اهتمّت جميع الدّول بتنظيم مهنة المحاماة ، نَظيِر للدّور الجليل الّذي تلعبه في تحقيق العدالة والتأثير البالغ الذي أنيط بها في مسرح الحياة القضائية. فهدف المحاماة ، هو الدفاع عن حرِّيات الأفراد ، ومساعدتهم على بلوغ حقوقهم ، وكذا مساعدة القضاء في الوصول إلى الحقيقة .ذلك أن القاضي والمحامي هما جناحَا العدالة في تأكيد سيادة القانون وهما حارسا العدل يذُودَانِ عنه من كل عبث يَبْغي النيل منه ومن كل شَطَط  ينجرف به عن قصد إحقاق الحق وإعلاء رايته في الجزائر .
ومن نافلة القول التّذكير بأن التقاضي أمام القاضي المسلم في الجزائر، قد عرف ازدهارا وذُيوعًا كبيرين  منذ رهط من الزمن . بَيْد أن نظام المحاماة بمعناه الحديث لم يكن معروفا ولو أن نظاما مشابها له كان سائدا يومئذ ألا وهو نظام الوكالة بالخُصومة.إذ كان يُرخَّص بمقتضى هذه الوكالة لشخص ما ،يُحسن فن الكلام ويُتقن طريقة تقديم الحجج لِيَنوب عنِ الموكل أمام القاضي بقصد رعاية مصالحه والمساهمة في تمكين الأصيل من حفظ شرفه وعرضه وماله ضد كل معتد آثم أو طامع غادر.
إن مهنة المحاماة مفهوما حديثا لم يتبلور معناه إلا في نهاية القرن التاسع عشر ، وأما وظيفتها فإنها قديمة ،قدم العدالة .فقد وجد عبر الحضارات القديمة أشخاص موهوبون يمتازون بالبلاغة والإقناع مُتضلِّعين في مبدأ العدل والإنصاف ، ومَهرة في إتيان الحُجَّة على قيام الواقعة أو نفيها ، فاْمتهن هؤلاء إرشاد من تَعُوزُهم الحاجة ودافعوا عنهم كلما اُلتمس مِنهم ذلك.
ولقد امتد دور الدفاع يومئذ إلى حظيرة الاتهام دفاعا عن الضحايا الذين يمثلونهم وذلك لعدم وجود مؤسسة النيابة العامة. وقد اتّصف المدافعون حِينئذٍ بوصف الخُطباء  أو الحُكماء أو المُفتين أو الفَلاسفة ، وذلك عند المَصريين الفراعنة والبَابِليين والفُرس والإغريق والرّومان ، بل إن الحي العتيق بأثينا قد عَرف تنظيمًا لشروط الدفاع والخطابة .
إلا أن الوضع لم يبق على ما كان عليه ، بل تطوّر تطوُّرا ملحوظًا ومطردا بحسب الأزمنة ووفق الأوضاع  الاجتماعية  والاقتصادية والسياسية التي صاحبت تطوّر المجتمع الجزائري
حتى أصبحت المحاماة علم وفن ورسالة ، وأصبح وجودها يمُثِّل إحدى دِعامات  دولة القانون .وضمانة رئيسية  وأساسية لحفظ حقوق الناس ورعاية مصالحهم ودفع التمرّد والعقوق وإزهاق الباطل ورد التعسف.
والمحامي باعتباره إنسانا ليس معصوما من الخطأ ،فان كانت القواعد العامة تقضي بمساءلته عن أخطائه العادية أسوة بغيره من الناس فهو يسأل عما قد يرتكبه من أخطاء في معرض ممارسته لمهنته فالضرر الذي يصيب الموكل من جرّاء خطأ ارتكبه المحامي يتطلب أن نبحث عن أفضل السُّبل  وأقصرها لتعويضه عن ذلك ، فهنا ينهض دور المسؤولية المدنية.

معلومات الكتاب

الوزن 0,2 كيلوجرام
الأبعاد 17 × 24 × 4,5 سنتيميتر
البلد

مصر

لغة

العربيه

اسم المؤلف

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “المسؤولية المهنية للمحامي: دراسة مقارنة”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

معلومات الناشر

الإستفسار عن الكتاب