الوصف
تعد المرحلة السابقة على إبرام عقد العمل فترة استكشافية، لما تثيره من المناقشة والمساومة، والإصرار والمثابرة، والمخاوف والاهتماماتالمثيرة للجدل، بغرض تحسس المصلحة، وتكوين فكرة شاملة عن أساسيات التعاقد.
ويثير عقد العمل العديد من الأمور المهمة سواء قبل إبرامه أو أثناء تنفيذه، أهمها المتعلق بالتزامات طرفيه، وبخاصة في مرحلة التفاوض، حيث يعتبر فى احترامها استقراراً للمراكز القانونية التي ستنجم عن هذا العقد، وحفظاً من إبطاله طالما أن فترة التفاوض عليه سليمة قانوناً.
فكلما كان الإعداد للعقد جيداً، بكل حرية ودراسة وطمأنينة وعقلانية، كلما جاء مضمون العقد متوازناً ومتعادلاً ومتكافئاً، لا يشوبه نقص أو غموض أو إبهام، بما يكفل تنفيذه دون خلافات أو منازعات.
وعلى العكس من ذلك، كلما كان الإعداد رديئاً وسيئاً، وكانت المفاوضات سريعة وارتجالية، كانت صياغته غامضة أو متناقضة، وجاء العقد غير متوازن ومشوباً بالغموض والثغرات؛ الأمر الذي يفتح الباب واسعاً للنزاع والخصومة بين الطرفين مستقبلاً، وبالتالي فالعقد لا يكون ملزماً، شريطة أن يكون عادلاً ومتكافئاً بين المتعاقدين.
وفي الغالب يهدف كل جانب من المتفاوضين إلى السعي لتحقيق المصالح الخاصة به، وذلك وصولاً لإبرام العقد، وعادة ما تستغرق هذه المرحلة وقتاً طويلاً، ومن ثم تثير هذه الفترة نوعين هامين من الصعوبات القانونية:
أولهما صعوبات تتعلق بتمييزها عما يتشابه بها قانوناً وتحديد إطارها، والنوع الثاني مرتبطة بالإحاطة الشاملة بالنظام القانوني لمرحلة المفاوضات وأحكامها.
وعلى الرغم أن القواعد العامة في القانون المدني تبنت العديد من النصوص التي تحمي مرحلة التفاوض على عقد العمل، حيث توفر للمتفاوض الذي أضير من إخلال المتفاوض الآخر بالتزامه المتصل بالعمل المراد شغله حماية خاصة، إمكانية الرجوع لقواعد المسئولية المدنية المنصوص عليها فى المادة1382من القانون المدني الفرنسي، والتي أصبحت رقم1240 في التعديل الصادر في10فبراير 2016، والذي أصبح نافذاً في أول أكتوبر 2016، والمادة 163 من القانون المدني المصري، بيد أن أن نصوص قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 لم تظهر اهتماماً بهذه المرحلة،حيث أنه لم ينص صراحة علي أحكام حول هذه الفترة لا من قريب ولا من بعيد، وإعمالاً للأحكام العامة بين إعمال قواعد القانون المدني لعلاج القصور التشريعي في أحكام قانون العمل الحالي رقم12لسنة 2003، وبالتالي يتم الرجوع للقواعد العامة في حالة عدم وجود النص الخاص.
لذلك سنتناول مرحلة التفاوض على عقد العمل؛ لبيان حدودها، والتزامات المتفاوضين تطبيقاً لمقتضيات حسن النية عند التعاقد، وذلك فى ظل غيبة النص الذى ينظم علاقة العمل قبل التعاقد في قانون العمل المصرى الحالي رقم 12 لسنة 2003.
ونحن في طي دراستنا سنتناول الموضوع في إطار التشريع الفرنسي والتشريع المصري، وذلك بتحليل النصوص القانونية المتعلقة بالأمر لبيان أوجه القوة والقصور، ووضع سبل العلاج لحلها، وذلك بإعمال المنهج التحليلي المقارن.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.